اقترب موعد مونديال استثنائيّ، جنّدت له دولة قطر إمكانيات ضخمة لجعله الأفضل في تاريخ اللعبة، منذ أول نسخة ٱقيمت في الٱوروغواي عام 1930.
وفود المنتخبات المشاركة تحل تباعا على الدوحة التي تزينت بأعلام الدول المعنية بخوض أكبر محفل كروي عالمي، فيما ترسّم غياب العلم الجزائري، بالنسبة للكثيرين، رغم أنه واقع مرير منذ إعلان الحكم الغامبي باكاري غاساما عن نهاية مبارة الجزائر - الكامرون، سهرة الثلاثاء 29 مارس المنصرم بملعب تشاكر بالبليدة.
صدمة الإقصاء كانت كبيرة، و الخيبة كانت أكبر، بعد سنوات من التغني برقم قياسي "لا معنى له" ما لم يكن مصاحبا بالألقاب و الانجازات، فالخضر الذين دخلوا كان الكامرون في ثوب المنتخب الذي لا يُهزم، سجلوا إحدى أسوأ مشاركات الجزائر في التاريخ على مستوى كأس الأمم الإفريقية، ضمن مجموعة سهلة ضمت منتخبين مغمورين - سيراليون وغينيا الاستوائية - لم يسجل في شباكهما الخضر أي هدف!
بعد الكان، ترقب الجزائريون اعتذار الطاقم الفني وماجعته لحساباته، بقيادة من لُقب بوزير السعادة الذي لم يبحث عن الحلول قبل المنافسة الرسمية، وظل يشارك بنفس الأسماء طيلة سنتين، أمام منتخبات ضعيفة، تفنن مهاجمو المنتخب في امطار شباكها واستعراض عضلاتهم أمامها بنتائج ثقيلة، أخفت عيوب التشكيلة التي تجلت بشكل واضح أمام منتخب بوركينافاسو الذي لم نفز عليه، لا في مراكش أمام مدرجات شاغرة و أرضية رائعة، ولا حتى في البليدة، أين كاد أن يُقصى المنتخب الجزائري مبكرا، أمام جماهيره.
القرعة خدمت الجزائر بوقوعها أمام منتخب كامروني متواضع، لكن القائمة "الانتحارية" تحسبا لمباراتي السد أكدت أن الناخب الجزائري أصرّ على التشبث بأفكاره، عوض إعادة ترتيب الوضع واقحام أفضل تشكيلة ممكنة، والاستثمار في قدرات جيل متميز من اللاعبين، لكن خطة 5-4-1 في مباراة العودة أمام منتخب "مهلهل" دفاعيا، وبعض الخيارات المتناقضة والغريبة، قضت على الحلم الجزائري بالتواجد في مونديال قطر.
وعوض الاعتراف بالأخطاء الرهيبة المرتكبة، والرحيل بشرف بعد الفشل في تحقيق هدفين رئيسيين (الكان والمونديال)، وجد بلماضي نفسه محاطا بجيش من المحامين الذين حملوا ارضية جابوما والحكم غاساما كل المسؤولية في الفشل الذريع للمنتخب، قبل ظهور عدد معتبر من المهرجين الذين تلاعبوا بمشاعر شعب عاشق لمنتخب، وأوهموه بوجود ملف ثقيل واقترابنا من التواجد في كأس العالم لخامس مرة في التاريخ، وبدل الاعتراف بالأخطاء الرهيبة المرتكبة، ظل نفس المسؤولين عن الإقصاء والفشل الذريع يؤكدون وحود ملف ثقيل مماثل، محتواه وهم كبير وتلاعب بالمشاعر وشعبوية لن يغفرها لهم التاريخ.
اقتراب موعد المونديال "الحلم" ينهي الوهم رسميا، ويدعونا لمراجعة الذات والاعتدال قي الرأي والطرح، وعدم تعظيم وتقديس الأشخاص الذين يُعتبرون جزءاً من المنظومة، لا ملوكا تنهار الدول والمؤسسات برحيلهم، بحجة شرعية كروية أضرت كثيرا بالجزائر في سنوات خلت، قبل أن نشهد ذات "المشهد" التعيس الذي صار فيه انتقاد ناخب وطني - فشل في مهمته - خيانة للوطن وطعنا في ثوابت الأمة!